mardi 24 février 2015

«بيردمان» أفضل فيلم و«القنّاص الأميركي» يروي سيرة «بطل» هوليوودي في العراق


كعادته في كل عام، يستقطب حفل توزيع جوائز «أوسكار» الهوليوودية أنظار العالم. حفل يمزج تكريم أسماء وعناوين سينمائية باستعراض بصريّ يمتد ساعات عديدة ليلة 22 شباط. «مسرح دولبي» في لوس أنجلوس يفتح أبوابه أمام نجوم صناعة السينما في هوليوود وأميركا والعالم، ليتسنى لـ «أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية» أن تمنح الفائزين في فئات مختلفة تماثيل صغيرة مذهَّبة اللون. مساء أمس الأول الأحد بتوقيت لوس أنجلوس، كانت الحفلة الـ 87 للأكاديمية، المتوِّجة «بيردمان، أو الفضيلة المُدهشة للجهل» للمكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو بـ 4 جوائز أساسية في فئات أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل تصوير لإيمانويل لوبيزكي، وأفضل سيناريو أصلي للرباعيّ إيناريتو ونيكولاس جياكوبون وألكسندر دينولاريس وآرماندو بو، الذين استوحوا الحكاية من قصة «ما الذي نتحدّث عنه عندما نتحدّث عن الحبّ» (1981) للأميركي ريموند كارفر. إنه الفيلم الأول لإيناريتو الخارج على المسار الدرامي المعروف عنه صاحب «أموريس بيرّوس» (2000) و «21 غراماً» (2003) و «بابل» (2006) و «بيوتيفل» (2010). فيلم يمزج السخرية بالمأزق الوجودي، ويفتح الباب واسعاً أمام معضلة الحياة والمتخيّل، ويُعيد رسم شيء من الملامح الحياتية الواقعية للممثل الأول فيه مايكل كيتون، أحد المرشّحين «الأقوياء» لجائزة أفضل ممثل، الذاهبة إلى إدي ردماين عن دوره في «نظرية كل شيء» لجيمس مارش.

منافسات حادّة

4 تماثيل فقط لـ «بيردمان» من أصل 9 ترشيحات. يستحقّ العمل جائزتي أفضل فيلم وأفضل إخراج. فوزه بجائزتي أفضل سيناريو أصلي وأفضل تصوير. إضافتان أساسيتان، لكونه يتمتّع بسيناريو متماسك وناقد وساخر ومؤلم ومؤثّر وحيوي وحسّاس، يتناول أسئلة الإبداع والفشل والخراب الذاتيّ والتوهان وسط انهيارات شتّى. أما تصويره، فجزءٌ من لعبة التعرية والفضح والنبش في أعماق الروح المحطّمة، أو النفس المنزوية في دمارها الوحشيّ، أو العقل المأخوذ بأوجاع وتحدّيات. مايكل كيتون «مبدعٌ» حقيقي في تأدية دور ريغان تومسن/ بيردمان، تماماً كبراعة إدوارد نورتون تحديداً (إلى جانب عدد آخر من الممثلين المشاركين في تقديم أحد الأفلام الجميلة للعام 2014). لا شكّ في أن «بيردمان» خشبة خلاص فعلية للممثل المنزوي في ما يُشبه العزلة والابتعاد عن المشهد السينمائي الدولي منذ أعوام عديدة. لكن عدم فوزه بالجائزة لا يُمكنه أن يُبقي أبواب الاستديوهات الهوليوودية الكبيرة مغلقة أمامه، ما يعني أن احتمال «تثبيت» عودته إلى قلب المشهد كبيرٌ.
أما «نظرية كل شيء»، المقتبس عن «رحلة إلى اللاتناهي، قصّتي مع ستيفن» لجاين وايلد هوكينغ، فمرتبط أساساً بالبراعة الأدائية للثنائي ادي ردماين في دور عالم الفيزياء الأشهر ستيفن هوكينغ، وفيليستي جونز في دور زوجته الأولى مؤلّفة الكتاب. ذلك أن البنية الدرامية ـ المبنية على سرد تاريخي لمسار هوكينغ منذ دراسته الجامعية وتعرّفه على جاين وبداية مرضه، وصولاً إلى الزمن الراهن في حياته ـ تظلّ عادية في تقديمها مراحل مختلفة لحياته اليومية، ولتطوّر أفكاره، وتفاصيل عيشه. علماً أن الفيلم برمّته مصنوع من وجهة نظر المرأة/ الزوجة/ الحبيبة الأولى، المُقدَّمة بأداء لافت للنظر لجونز.
فيلم آخر ينال 4 جوائز أيضاً: «فندق بودابست الكبير» لوس أندرسن، وإن كانت كلّها في الأطر التقنية المُكمِّلة للفئات الأخرى، أي أفضل موسيقى لألكسندر ديبلا، وأفضل ماكياج للثنائي فرنسيس هانون ومارك كوولييه، وأفضل أزياء لميلينا كانونيرو، وأفضل ديكور للثلاثي آدم ستوكهاوزن وآنا بينّوك وجوزف براندل. استعادات متكرّرة لمحطات تاريخية، عبر حكاية فتاة تقرأ كتاباً يحمل عنوان الفيلم نفسه، فإذا بها تأخذ الجميع في رحلة داخل ذوات وتشعّبات ومرويات مصنوعة بسلاسة سينمائية متضمّنة حيلاً ذكية في مقاربة التفاصيل. يليه فيلمٌ آخر يفوز بـ 3 جوائز في فئات أفضل ممثل ثانوي جي. ك. سيمّونس، وأفضل ميكساج صوت للثلاثيّ كريغ مان وبن ويلكنس وتوماس كورلاي، وأفضل مونتاج لتوم كروس: «ويبلاش» لدانيال شازيل. أندرو (مايلز تيلر) يبلغ الـ 19 من عمره، ويرغب في أن يُصبح أحد أفضل وأهم عازفي الجاز في جيله. لكن المنافسة حادة في معهد الموسيقى في مانهاتن، ما يجعله في تحدّ كبير يُساهم في صنعه الأستاذ تيرينس فلتشر (سيمّونس) الشرس والمتطلّب. في النهاية، يكتشف الأستاذ في تلميذه ما يؤدّي إلى نجاح أندرو في مساره المهنيّ بإشراف تيرينس.

أول مرّة

هي المرّة الأولى التي تنال جائزة «أوسكار» أفضل ممثلة، أو حتى أفضل ممثلة ثانية، مع أنها حاضرة في لوائح الجوائز الخاصّة بمهرجانات مختلفة، أبرزها البندقية وبرلين و «كانّ». جوليان مور، مؤدّية أحد أجمل أدوارها السينمائية في الأعوام القليلة الفائتة، تحصل على هذه الجائزة عن دورها في «تبقى أليس» لريتشارد غلاتزر وواش ويستمورلاند. دور صعب ومركّب، وإن يبدو لوهلة أنه بسيط وعادي. فأليس أم لـ 3 أولاد، وأستاذة معروفة في مجال الألسنية. كل شيء ينهار عندما تبدأ نسيان كلمات عديدة، فيكتشف الأطباء أنها في المراحل الأولى لمرض ألزهايمر. عالم متكامل يتداعى حولها، وممثلة متمكّنة من شرطها الأدائيّ في تمثيل دور امرأة تعاني أحد أقسى المآزق: الانفصال عن الواقع. ممثلة ثانية لم تنل الجائزة نفسها في حياتها المهنية أيضاً: باتريشيا آركيت. في الحفلة الـ 87 لـ «أوسكار»، تُمنح آركيت تمثالاً خاصّاً بأفضل ممثلة ثانوية، عن دورها في «بويهوود» لريتشارد لينكلايتر: إنها أوليفيا، الأم العنيفة لكن القادرة على تحمّل مسؤوليات عديدة. ذات يوم، تجد نفسها مع ولديها الصغيرين إثر تخلّي زوجها عنهما، مع أنه يُقدّم نفسه لهما كصديق أكثر من كونه أباً. حكاية إنسانية عن ذوات متصادمة، وأحلام ملتبسة، ورحلات في أمكنة وخفايا.
إذاً، بعد حصول «بيردمان» و «فندق بودابست الكبير» و «ويبلاش» على أكبر عدد من الجوائز، يخرج «القنّاص الأميركي» لكلينت إيستوود بتمثال واحد فقط: أفضل مونتاج صوت للثنائي بوب أسمان وآلن روبرت موراي. الفيلم المقتبس عن كتاب «القنّاص الأميركي: سيرة حياة القنّاص الأكثر ترهيباً في التاريخ العسكري الأميركي» لكريس كايل، المعروف بكونه «أسطورة» البحرية الأميركية في العراق. قصة حياة «بطل» أميركي يُقرّ بقتله 170 شخصاً قنصاً. فيلم إشكاليّ محتاج إلى مزيد من التأمّل في المفاصل الإنسانية والفنية والدرامية والجمالية، التي يُعتاد إيستوود صنعها بتحدّ كبير للمُشاهدين.
كما «القنّاص الأميركي»، كذلك «سيتزن فور» للورا بويترس، الفائز بـ «أوسكار» أفضل فيلم وثائقي: إنه توثيق سينمائي لاعترافات إدوراد سنودن، العميل السابق في «وكالة الاستخبارات المركزية» و «وكالة الأمن القومي» الأميركيتين، وكاشف أحد أخطر أسرار التجسّس الأميركي على حلفاء الولايات المتحدّة، والمختبئ في روسيا منذ 1 آب 2014. فيلم صداميّ وإشكاليّ، لطرحه أسئلة العلاقات والتحالفات الدولية. هناك فيلم «سيلما» لآفا دوفيرناي، الفائز بجائزة أفضل أغنية أصلية بعنوان «غلوري» للثنائي كومون وجون ليجاند: استعادة إحدى محطات التاريخ الأميركي الملطّخ بالعنصرية ضد السود، المتمثّلة بمسيرات سلمية من «سيلما» إلى «مونتغومري» في ستينيات القرن المنصرم.
أخيراً، هناك جائزة أفضل سيناريو مقتبس لغراهام مور، عن عمله في «تقليد اللعبة» لمورتن تيلدم، المأخــوذ عن كتاب بالعنــــوان نفسه يروي سيرة حياة عالم الرياضيات آلن تورينغ، وضعه أندرو هودجز. وجائزة أفضل مؤثّرات بصرية للرباعي بول ج. فرانكلين وأندرو لوكلاي وإيان هانتر الثالث وسكوت فيشر، عن عملهم المشترك في «إنترستلير» لكريستوفر نولان: فيلم خيال علميّ عن اكشتافات مستقبلية في الفضاء والأزمنة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire